قطط الإمـــام

 

 (إلى الصديق: محمد عبد السلام منصور)

 

في الفترة الأخيرة من الزمن شعر "الضياء" إبن "العزي الفخري" بعد إقالته من (عمالة) قضاء (ريمة)، المنطقة الخصبة زراعة ومالاً، والتي كانت مرتعاً لتحقيق ثرائه الفاحش... شعرَ بأنه أصيب بكارثة عظيمة... وظل إثر ذلك العزل أمام (مقام) الإمام ليلاً ونهاراً... يحاول أن تتاح له مقابلة الإمام دون جدوى... يستمع بين الحين والآخر إلى أنباء وأخبار تعيينات عمال (القضوات) والنواحي وحكامها الشرعيين الجدد ولا يرد أسمه من ضمنهم... سنة تلو الأخرى... لا خبر ولا علم عن صدور الأمر الشريف للإمام بتعيينه عاملاً أو حاكماً لقضاء أو ناحية... أو حتى مأموراً للجباية أو مديراً للمالية أو كاشفاً ومخمناً للعُشر و(الصبرة).

* * *

كان معروفاً بالذكاء بين أصدقائه... وكان صاحب فكاهة إذا أطلقها في (مقيل) كانت ضحكته أعلى صوتاً  واستمراراً من ضحكات زملائه... وكان يستقبل فكاهات زملائه الرديئة بضحكات عالية أيضاً لكنها كانت زوراً وبهتاناً...! وهذا ما كان يحببه إلى قلوب أصدقائه المسئولين... وربما الإمام أيضاً..!

* * *

ضاقت به الدنيا وهو يداوم أمام المقام الشريف للإمام يستجدي مقابلته وينتظر نبأ تعيينه عاملاً أو حاكماً أو مدير مال أو جابياً للضرائب والزكاة على الأقل... أو حتى مأموراً (للتبن)... كان يرى زملاءه الداخلين والخارجين إلى المقام الشريف... منهم من ينظر إليه باستغراب... ومنهم من لا يعيره أي انتباه... ومنهم من يتفضل بالسؤال عنه وعن حاله ويبدي خدماته مجاملة... وبخبث وسخرية سأله أحدهم:

-          سيدي ماذا تفعل هنا..؟

-          منتظر لمقابلة مولاي الإمام حفظه الله.

-          وهل تعتقد سيدي بأنك ستقابله بعد هذا الانتظار..؟

-          هذا قدري سأكون صابراً صبر أيوب..

-          أراك بخير إذاً..!

-          شكراً سيدي (العماد)..!

* * *

مرت السنة الأولى والثانية والثالثة وهو يداوم أمام المقام الشريف للإمام منذ الصباح حتى المساء... ويعود إلى مقره في شبه مقهى (سمسرة) وإلى زاويته المعتادة التي تقبع في ركن منزو من (دكة) المقهاية يتناول (جمنة)[1] من القهوة (القشر)[2] و(قفوعة)[3] يابسة مصنوعة من (البلسن) و(العتر) والفول يضع عمامته فوق (دجلته)[4] على المعلق الخشبي... أما (الجنبية)[5] و(الجلبة) المذهبة فيضعهما تحت رأسة وباقي ملابسه يضعها في صندوق خشبي صغير ثم يدخل كيس نومه القطني ويربط عنق الكيس على رأسه تفادياً للبراغيث (القمل) والبق (الكتن) وهو يستمع لحوارات النزلاء البسطاء المجاورين عن حكاياتهم ومشاكلهم..

قال له أحدهم:

-          سيدي... لماذا أنت هنا بيننا في هذه السمسرة... وأنت مهندم بلباسك الذي يدل على أنك من علية القوم...؟

-          للظروف أحكام...!

لم يفهم السائل الرد... لكن زميله قال له بصوت خافت سمعه:

-          ربما يكون من جماعة (الأحرار)..!

رقد النزيلان وعلا شخيرهما المكتوم من داخل كيسي نومهما الموثوقة الرباط... لكنه لم ينم تلك الليلة... أعاد همسهما حول جماعة (الأحرار) ذكرياته عندما بدأت النغمة تتداول بسرعة تامة عندما كان (عاملاً) على قضاء (ريمة)... وتذكر أنه لم يكن مطلقاً يعيرها أي اهتمام فلم يبلغ الإمام به لأنه اعتبرها كلاماً فارغاً غير ذي أهمية... كان ذلك بسبب إيمانه المطلق الذي لا جدال فيه بأنه لا يمكن أن يجرؤ أي شخص، شيخاً كان أو عاقلاً أو مزارعاً أن يطلق أو يصدق هذه الأخبار عن وجود جماعة معارضة يطلق عليها جماعة (الأحرار)..

فالإمام هو ظل الله في الأرض وهو الخليفة المختار... فمن أين تأتي المعارضة للإمام في هذا البلد الذي تكاد صخوره تناصر الإمام فما بالك بالناس البسطاء..!

* * *

عندما استعد للتوجه إلى المقام الشريف للإمام كانت (المقهوية) صاحبة السمسرة قد قالت له:

-          سيدي الحساب قد طال وعرض... ولم تسددوا شيئاً منذ عدة أشهر..!

نظر إليها شزراً وصاح في وجهها بعد أن شعر بالإهانة:

-          اخرسي أيتها (المقهوية) الحقيرة... هل تعتبرينني واحداً من روادك القذرين... جمالاً أو حماراً يا وقحة..!؟

ارتجفت بذعر وهربت مسرعة من أمامه إلى داخل السمسرة وخرج هو كالطاووس لكنه أثناء سيرة إلى المقام الشريف للإمام هون من خطاه وقد شعر فعلاً بالمهانة والذلة وحديث المسافرين النزيلين بجواره عن (جماعة الأحرار) أثقل خطاه أكثر..

* * *

لم يصدق أن حاجب الإمام قد نطق باسمه ليتشرف بعد هذه السنين لمقابلة الإمام... إنتفض من مجلسه كدجاجة تطرد الحشرات الصغيرة من جسمها وريشها... ووقف مذهولاً منتظراً إشارة حاجب الإمام بدعوته...

خرَّ ساجداً ولثم حذاء الإمام وركبتيه ويده الممدوة التي سحبها الإمام بسرعة... وعاد إلى الوراء وهو مازال منحنياً إلى مكان مجاور للإمام جذبه إليه أحد عبيد الإمام العمالقة بعنف وأجلسه فيه... أطرق خاشعاً كأنه أمام الكعبة المشرفة أو أمام ملك الموت... لكنه طمأن نفسه بقرب مجلسه من مقام الإمام... وشعر أن درجته أكثر من غيره..!!

بدأ الإمام يدعو الحاضرين كلاً على حده ويسمع منهم ويهز رأسه بالارتياح تارة أو بالغضب في أكثر الحالات ويصرفهم... لم يبق سواء جالساً على الأرض وخلفه وأمامه عبيد الإمام العمالقة (وعكفته) غلاظ القلوب بأسلحتهم..

أشار له الإمام بأصبعه أن يقترب من عرشه... فزحف خاضعاً... صاح الإمام به قائلاً:

-          وليناك عمالة قضاء (ريمة) فعثث فيها..

-          ... معاذ الله يا مولاي.

-          بنيت فيها داراً فخماً...!

-          ... بعته يا مولاي.

-          واشتريت الأراضي..؟

-          بعتها يا مولاي أيضاً..

-          واقتنيت المفارش الفارسية والطنافس النحاسية والمذهبة..؟

-          لم يبق منها شيء يا مولاي..

-          أكلت بيت مال المسلمين يا خبيث..!

-          حاشا الله يا مولاي... فقد أرسلتها إلى مقامكم الشريف... وقد كانت وأرادت قضاء (ريمة) أعلى من واردات أي قضاء آخر في المملكة..

-          كذاب... كذاب..!

وأشار الإمام بإصبعه لكي ينصرف... فأنسحب كأنه (ذبالة) سراج أو قطعة قطن مبتلة... منكسر الجناح شاحب الوجه يكاد رأسة أن يلاصق سرته... ومن باب إلى باب حتى خرج من البوابة الكبيرة للقصر حيث فوجئ بأقرانه المحتشدين تعلو حواراتهم وضحكاتهم الفرحة بما نالوه من مراتب عالية... نظر إليهم ونظروا إليه... قال له (العماد) بخبث الفقهاء والقضاة:

-          تهانينا الحارة لهذه المقابلة الطويلة مع مولانا...!

لملم حماسة وقال مبتسماً:

-     لقد كان حديثاً طويلاً مباركاً... وقد خصني به مولانا دون غيري... أشكركم لتهانيكم الحارة... وسوف أراكم مستقبلاً في مقام مولانا الشريف...!

قالها بوثوق ونصب قامته وخطى بثبات من أمامهم مبتسماً وهم ينظرون إليه وقد سادهم الذهول..!

* * *

دخل باب (السمسرة) الكبير وأتجه إلى مكان المعتاد دون أن يحيى زملاءه النزلاء كالمعتاد وخلع ثيابه الرسمية وعلق عمامته البيضاء وفرش فراشة على دكته الصغيرة المرتفعة والتي تتميز بارتفاعها وأنزوائها وأصلح مخدته ودس (جلبته) الذهبية تحتها ثم فتح حقيبته وبدأ يبعثر ما فيها من أوراق. فوجئ بشخص متقرفص في الزاوية الأخرى من (الدكة)... إنه قادم جديد... كان هذا الشخص قد أصلح مكانه ووضع حقيبته الحديدية الصغيرة في إحدى الزوايا... تأمله بدقة... ارتاح لمظهره النظيف فحياه... نهض الآخر مصافحاً وأقبلت (المقهوية) وعلى رأسها (تورة)[6] من الخزف الملون مغطاة (ببقشة)[7] مزركشة وبيدها (جمنة) من القهوة (القشر)..

وضعت ذلك أمامه ثم التفتت إلى القادم الجديد تستفسره عما يريد من عشاء..

-          هو ضيقي هذه الليلة..

التفت إليه الشخص بأدب:

- أشكر لك ضيافتك ولكن..

- أبدأ... أنت ضيفي الليلة..

تعارفاً أكثر بعد العشاء قبل أن يتأهبا للنوم... كانت (مسرجة) الزيت ما تزال مشتعلة يتصاعد دخانها من كوة صغيرة في وسط (الدكة) عندما تأهب لدخول كيس النوم القطني الغليظ الذي يقيه لسعات البراغيث (القمل) والبق (الكتن) والحشرات الأخرى... استرعت انتباهه حركة الضيف الجديد الذي أخرج من حقيبته الحديدية التي بجواره كتاباً وبدأ يقرأ منه... سأله:

-          أليس لديك كيساً للنوم..؟

-          لم أتعود على ذلك من قبل.

-          إذاً فلن تنام هذه الليلة على خير بسبب (القمل) و(الكتن) إلى جانب ما تزخر به هذه السمسرة من حشرات أخرى...!

-          لقد شعرت بلسعها فعلاً... ولذلك سأشغل نفسي بالقراءة حتى طلوع الفجر...

-          ما هو عنوان هذا الكتاب الغريب..؟

-          ... فجر الإسلام لأحمد أمين:

-          على بركة الله... ولابد لك من كيس نوم تفصله غداً..

* * *

استدعاه حاجب الإمام ذلك الصباح وهو غير مصدق لذلك... كان همه، وهو متقرفص على الأرض أمام (مقام) الإمام، السفر إلى بلاده وزوجته وأولاده... كان الإمام قد فرغ من توزيع بعض الرسائل لبعض الجالسين الذين تلقفوها باهتمام ونهضوا بسرعة... ركع أمام الإمام وقبل قدميه ثم ركبتيه ثم يده إلى التي كانت تعود إلى صدره بسرعة مذهلة... وعاد منحنياً إلى الخلف إلى مكان فارغ تحت أقدام عبيد الإمام العمالقة المدججين بالسلاح... جال ببصره على من تبقى من الحضور الجالسين القرفصاء بشكل دائري... يعرفهم كلهم وإن بان عليهم أنهم لا يعرفونه... كلهم ينظرون إلى الإمام ككلابٍ أو قطط تهز ذيولها تنتظر قطعة خبز... ابتسم بألم... ثم ما لبث أن خرجت من فمه فجأة ضحكة عالية... نظر الإمام إليه شزراً ونظر الجمع نحوه بذهول... تذكر القطط وهي بعمائم وكيف يكون منظرها..! أنحنى برأسه وأطرق إلى الأرض... وساد صمت رهيب... كان الإمام يجول ببصره على الحضور ويركز بالذات عليه... وقرر الإمام أن يصرفهم من مقامه... فخرجوا جميعاً وهم ينظرون إلى صاحبهم الذي استبقاه الإمام في مجلسه... لا يعرفون فيما إذا كان الإمام قد غضب عليه أو أنه استحسن ضحكته!!

استدعاه الإمام بإشارة أن يقترب من مكانه... فزحف منحنياً..

-          احترت فيك أيها الخبيث؟

-          مولاي أنا المطيع دائماً... أنا خادمكم ومملوككم.

صمت الإمام قليلاً ثم قال:

-          لا تستحق أي عمل ولا حتى مشرفاً على قططي!

قالها الإمام بسخرية... فأجابه بفرحة وابتهال:

-          لي الشرف يا مولاي أن أكون مشرفاً على قططكم الكريمة...

بانت الدهشة على وجه الإمام... لكنه ابتسم متعجباً قائلاً:

-          وماذا تريد مقابل ذلك..؟!

-          لا أريد مقابل ذلك إلا رضاكم.

ضحك الإمام بتوحش حتى سقطت عمته الحريرية إلى الخلف... وأشار إليه بالخروج بعد أن رمى له بورقة صغيرة تلقفها بلهفة فهي قرار تعيينه مشرفاً على قطط القصر.

* * *

عندما غادر مقام الإمام كان زملاؤه واجمين أمام باب المقام ينظرون إليه وهو يحيهم منتشياً تاركهم في ذهول..! وعندما دخل باب السمسرة الكبير صادف (المقهوية) أمامه فاحتضنها بشدة دافعاً بها نحو دكته وهي تستجديه أن يتركها خجلاً من نزلاء السمسرة الذين كان أكثرهم من مشايخ القبائل الأشداء... لكنه استمر بدفعها أمامه حتى بطحها على ظهرها أمام زميله الجديد... وتركها غاضبة وقد  أثارها سلوكه الهمجي... لكنه سرعان ما أصلح الموقف فرمى أمامها بعشرة ريالات فضه (ماري تريزا) وقال:

-          خذيها لك مقابل ما عندي من مصاريف قديمة..

قالت فرحة:

-          لكنها كثيرة...!؟

-          اصرفي منها علي وعلى ضيفي هذا فمقدمة سعد ووجه مبشر بالسعادة..!؟

* * *

بعد الغداء وهما يمضغان (القات)، كل في زاويته من (الدكة)، سأل رفيقه الضيف الجديد قائلاً:

-          لم نتعارف جيداً رغم مرور عدة أيام منذ استقرارك بجواري؟!

وتحدثا طويلاً وعرف أنه جاء من بلاده (بلاد منزل) كغيره (ليطلب الله)، يبحث عن عمل بعد أن عاد من المهجر منذ شهور... قال رفيقه وقد بدأ يتذوق (القات):

-     لقد شاهدت العجاب... وزاولت مهناً عديدة... عندما أبحرنا إلى (عصب) أول مرة كادت الساعية أن تغر ق بنا لكننا كنا قريبين من الشاطئ و... و... و..

في المساء بعد العشاء اندس داخل كيس النوم بينما كان صاحبه لا يزال يقرأ على ضوء (المسرجة) الخافت... نظر إليه مستفسراً:

-          أراك تقرأ كثيراً... ما كل هذه الكتب..؟

-          خير رفيق في الزمان كتاب..

-          خيراً إن شاء الله... ألم تقتن كيساً للنوم بعد..

-          أشعر بالاختناق إذا غطيت رأسي أثناء النوم..

رد عليه ضاحكاً:

- ماشاء الله كان... لابد لك من كيس نوم على أية حال... فسوف تأكلك الحشرات و(القمل) ولن تُبقى على شيء منك..

* * *

في إحدى زوايا السور الكبير للقصر من الداخل تجتمع أعداد كبيرة من القطط حول قدميه وهو يقوم برمي مخلفات الموائد بعد الغداء... كان يعرف القطط المفضلة لدى الإمام فيزيد من رعايته واهتمامه بها وهو ما يلقى استحسان الإمام الذي يجزل له العطاء. كان يقضي معظم النهار داخل أسوار القصر ويعود في المساء إلى زاويته المعتادة من دكته في السمسرة... فكر بأنه لابد أن يبحث عن مكان مناسب للإقامة فلم تعد السمسرة مكاناً يليق به الآن رغم أنه سيفتقدها... وسيفتقد مجالسة صديقه وحكاياته الكثيرة والمثيرة ومنطقة المثقف الواسع الإطلاع.

ومرت الأيام وسارت الأمور كما يشتهيها... وبدأ الإمام يستدعيه في مجالسه أكثر من ذي قبل ويجلسه بالقرب منه لظرفه ولتلك الضحكة المميزة التي يكسب بها قلوب المحيطين به... وعلى مرأى الجميع كان بين الحين والآخر يهمس في إذن الإمام بشيء ماء عادة ما يكون عن قططه المفضلة فتارة يقهقه الإمام عالياً وتارة يقطب حاجبيه باهتمام..

* * *

أثار تواجده شبه الدائم في المقام الشريف وقربه من الإمام اهتمام أقرانه من أعيان وعمال وحكام (القضوات) والذين بدءوا بالتودد إليه وإمداده بالمال والهدايا مقابل توصيل رسالة أو التوسط لدى المقام (الشريف)... وأهم شيء مقابل درء أية فتنة أو وشاية محتملة..

* * *

في مقر إقامته الجديد ضحك كثيراً وهو يحكم ربط كيس النوم من الداخل عندما تذكر في مخليته صورة القطط وهي بعمائم...

كانت أموره المالية قد تحسنت كثيراً... وتنفس بعمق... لكنه سرعان ما أصابه الغم... كان الحديث المتزايد في الآونة الأخيرة عن جماعة (الأحرار) يقلقه... تذكر عندما بدأت النغمة تتداول بسرية تامة عندما كان عاملاً على قضاء (ريمة)... وكيف اعتبرها كلاماً فارغاً غير ذي أهمية... لكنها الآن لم تعد سرية... وتذكر حديث النزيلين في السمسرة منذ أسابيع... وتذكر فجأة صديقة في الزاوية الأخرى من (الدكة) في (السمسرة) وحديثه وإطلاعه على أمور عديدة... وقراءته للكتب الكثيرة وسلوكه وملبسه غير المعتاد... وزادت الهواجس في ذهنه... لم ينم تلك الليلة وظل يتقلب في فراشه حتى لاحت من النافذة الصغيرة أول تباشير الصباح..

* * *

غذى الخطى مسرعاً إلى (السمسرة)... منذ مدة لم يلتق به... كان مضطرباً من لقائه... قلقاً... ماذا لو أنه منهم..!؟ كان قد اشترى كيس نوم لصديقه من سوق قريب تذكر بأنه وعد بشرائه ذات ليلة... ودلف مسرعاً إلى داخل (السمسرة) وأتجه مباشرة نحو (دكته) المعتادة فوجدها مسكونة بأناس آخرين... نظر بتمعن إلى زاوية صديقه فلم يجد حقيبته الحديدية في ركن الزاوية... رأته (المقهوية) فرحبت به باحترام وقالت بتودد:

-          منذ زمن لم نرك يا سيدي..!

لم يجبها بل سألها عنه فأجابت بأسى:

-          لقد غادر منذ فترة..

-          إلى أين..؟

-          إلى بلاده...

-          وهل سيعود..؟

-          ربما..

صنعاء: 1996م

 


 

[1] وعاء من الفخار

[2] قشرة البن

[3] نوع من الخبز

[4] معطف من صوف الأغنام

[5] الخنجر اليمني التقليدي

[6] طبق من الخزف

[7] قطعة من القماش

 


 Go Back to Short Stories Page